انبعاث – في أغوار الجبال – يحيى سلو
تشدنا الرواية من صفحاتها الأولى: إلى عالم غارق في الألم، والضياع، وواقع كردستاني، مليء بالأخطاء، وبساطة الحياة إلى حد الجهالة، من خلال السرد الذي يجري بين عناصر من الكريلا لحوادث جرت في قراهم وبين عائلات يعرفونها، والتي تجري في منطقة ضمن جبال هركول في شمال كردستان، جنوب شرقي تركيا.
كانت بإمكانها أن تكون قبلة للسياح الطامحين إلى الهدوء والراحة، في جغرافية شاهدت المأثر والبطولات، رافقتها المآسي خاصة أثناء الثورات الكردية التحررية، ليس فقط لكثرة الشهداء، واستمرارية ضياع الوطن، بل لتلاعب القوى الإقليمية بشعبه، وحراكه، إن كان سياسيا أو عسكريا أو بالقوى التي سخرتها الدول المقتسمة لكردستان.
سينتبه القارئ بعد الفصول الأولى أنها رواية كردية بامتياز، ولها أبعاد رمزية، نستطيع أن نقول عنها عميقة الجذور، مستقاة من الواقع الكردي البسيط المعاش، وبساطة السرد في الرواية، ودمج الحقيقة مع الخيال القومي، فحتى ولو كانت الدراما الرئيسة نادرة، ومهجنة، ومستوردة إسلاميا حتى ولو كان بشكل مشوه وبجهالة، ولا تعكس الأخلاق والثقافة الكردية، يحاول الكاتب إبراز رمزيته من خلال الروايات الجانبية التي تعكس التطورات أو التحولات الاجتماعية في كردستان الشمالية، عن طريق سرد أحاديث متنوعة عن العصابات التي كانت تجول المنطقة قبل الثورة، وظلم الأغوات وعصابات الأشقياء أو المجموعات المدعومة من سلطات الدولة التركية، قد يكون فيها بعض التضخيم ربما المتعمد، يحاول أن يبرز الصراع بين الدولة التركية المستبدة والمحتلة لجزء من كردستان، والشعب الكردي الذي يود الكاتب أن يقول أنه يستيقظ من سباته بعد الثورة، عن طريق المقارنة بين الشخصية الرئيسة في الدراما(حمو) الباحث عن الحلول بعد يقظته على مرحلتين، والشخصية الثورية، راعي القرية المجنون(ديكو)، وهنا يمكن الانتباه أن الكاتب بسلاسة السرد (أقرب ما تكون إلى لغة الناس اليومية)، يزيل الغطاء عن الأسطورة الكردية، بجمالياتها ومساوئها، وصراع الكرد الأبدي مع أعداء لا يرحمون.