سري كانيه (الحب و الحرب) – عبد المجيد خلف
“الرصاص ينهمر من كل حدب وصوب، والأجساد تتلقفه، كأنها إسفنجة تشرب الماء بعد عطش شديد، كان العرق يتصبب من جبينها، وترتجف من موجة البرد الشديدة في ذلك المساء، أصبح العالم الخيالي غير المحسوس من حولها يختفي بهدوء، وبصمت قاتل، في أوج القتال، لا بدّ من أن يستمروا، ولا بدّ لها أيضا من تفي بوعدها، وقسمها للأرض.
تدافع المرتزقة، أطلقوا النار في كل مكان، بعدما عصفت الطائرات ببيوت المنطقة كلها، لتمشطها، تمهيدا لدخولهم، كأن سرى كانيه كلها اختصرت، وتحشدت في شارع واحد فقط، والحناجر لم تكن تستوفي أناشيد الوداع، وعويلها، في انتظار انتهاء المحنة..
الرفاق الذين كانوا ينتظرون دورهم للرحيل، والشهادة كانوا أسعد بالا، ستتاح لهم فرصة أخيرة لوداع مدينة، تركوا فيها كل أحلامهم، وذكرياتهم.”
سري كانيه (الحب و الحرب) للكاتب عبد المجيد خلف عن دار أفا للنشر.